لصفات العامة لبرج العذراء
بما
أن كلمة العذراء ترمز إلى الطهارة و العفة قد نجد بين مواليد هذا البرج
العديد من الأشخاص العازبين و المنادين بمبدأ الارتباط العذري . غير أنه لا
يجوز تعميم القاعدة لأن الكثيرين أيضا يتزوجون و يستقرون و كثيرا ما
ينجحون في دور الأزواج و الآباء إلى أقصى حد . من الظواهر التي لا يختلف
فيها اثنان ظاهرة بعد هؤلاء الأشخاص عن الحشود و الاحتفالات و ما شابهها و
ذلك لسببين رئيسيين : الأول مزاج خاص يجعل اختلاطهم بالناس صعبا و يحول
بالتالي بينهم و بين وسائل الترفيه و السلوى , و الثاني نداء الواجب الذي
يشغلهم عن التفاهة و السطحية .
مولود برج العذراء قليل الأحلام و
التصورات , يرفض التلهي بفقاقيع الهواء و قصور الرمال . كل من يراه أول
وهلة يعتقد أنه مشغول الفكر بقضية عويصة تنتظر منه الحل أو قلق من جراء
أزمة نفسية تتنازعه . و الواقع أن هموم هذا الإنسان عادة متأصلة فيه . إنها
وليدة طبعه و مزاجه ولا يد لأحد فيها . حتى الابتسامة المشرقة على وجهه
تظهر مشحونة بالقلق و التفكير . و مع ذلك تبدو قسماته هادئة مسترخية في
معظم الأحيان الأمر الذي يناقض الأثر الذي يتركه في الناس أول وهلة .
هذا
الإنسان الذي عرفت عنه الكفاءة و البرود و صفاء الذهن قلق في قرارة نفسه
إلى الدرجة التي يهتز معها توازنه النفسي و الصحي , ومع ذلك يسعى للقيام
بواجبه حتى النهاية و إن كان يقبل التظاهر بالمرض في بعض الأحيان ليستطيع
رفض أمر ما فرض عليه . و فيما عدا ذلك هو صادق الرأي و الكلمة , جدير بتسلم
المهام و المسؤوليات , يمكن الاعتماد عليه في أقصى الظروف و أكثرها تعقيدا
. إنه أيضا قليل الأوهام تجاه الناس و الحياة , يدرك حقيقة الأشياء و يعرف
تماما إلى أين يسير حتى وهو غارق في الحب . إلى جانب ذلك له مواقف معينة
بالنسبة إلى أكله و شربه و صحته و نظافته و على الخصوص هذه الأخيرة التي لا
يجاريه فيها أحد .
ليس مواليد برج العذراء جميعا عقلانيين متمسكين
بالواقع , فبعضهم يبدو مغلفا بالأحلام على الرغم من عقله الذي يرفض ذلك .
لكن مما لا شك فيه أنهم جميعا دون استثناء يكرهون في سواهم الإهمال و
التقصير و الكسل و الغباوة , ولا يستبعد أن تثير فيهم تلك النقائص و
العصبية على الرغم من عذوبتهم الطبيعية التي فيها راحة و بلسم للمرضى , و
لهذا السبب هناك ممرضات عديدات ينتمين إلى برج العذراء . حتى من لم يمتهن
منهم التمريض يحرص على صحته و صحة غيره بواسطة الأدوية و العقاقير مع أن
مولود برج العذراء يرفض تناول أي دواء ما لم يعرف الكثير عن تركيبه و كيفية
استعماله و فوائده .
مواليد برج العذراء أكثر الناس تمسكا
بالعادات و أمهرهم في فن الجدل و النقاش . إذا بحثوا أمرا غاصوا في تفاصيله
و تعرجاته إلى درجة إثارة جنون البعض , لكنهم أقدر الناس على فك الرموز و
العقد و إعادة الأمور إلى مجراها الطبيعي . وهم أيضا على استعداد تام
للمساعدة , و كثيرا ما يسرعون إلى انتشال الآخرين من الضياع دون أن يطلب
منهم ذلك . إن أكثر ما يساعدهم على النجاح في مثل تلك المهمات الصعبة عقلهم
المنظم إلى حد بلورة الأهداف و حذف كل الهوامش التي من شأنها أن تعرقل سير
القضايا . انطلاقا من ذلك يمكن القول إن هؤلاء الأشخاص يتمتعون بدقة
الملاحظة وصفاء الذهن و انكشاف الرؤية بحيث يصبح سهلا عليهم تلمس مواطن
الضعف عندهم و عند سواهم مع فارق بسيط هو أنهم يرفضون الإشارة إلى ضعفهم من
قريب أو بعيد .
من السهل جدا اكتشاف مولود العذراء في جمع ما .
فهو غير قادر على الجلوس هادئا مدة طويلة . يفضل زرع المكان جيئة و ذهابا ,
و يوحي بأن أشياء مهمة تنتظره في مكان آخر . في مشيته بعض الغرابة هذا إن
لم يكن أعرج فعلا . حريص على المال و العاطفة , يكره طلب حاجة على الرغم
من استعداده الكبير للمساعدة . و بما أنه يرفض الاتكال على أحد يسعى لتأمين
شيخوخته بكل الوسائل . يكره جدا البطالة و التسول , لكنه لا يتردد في
إعانة المعوزين و المستحقين . حرصه يمتد إلى وقته فلا يقبل أن يفرط فيه
مهما تكن الأسباب .
إذا اتهم هذا الإنسان الطيب بالأنانية فبسبب
تمسكه بمبادئه و إصراره على الرفض في حالة عدم اقتناعه . من الجائز أن
تنهار صحته – الممتازة أساسا – بفعل التشاؤم و الهموم و الضغوط النفسية و
الجسدية . اهتمامه بصحته و غذائه يدرأن عنه المرض لحسن الحظ .
من
أفضل مزاياه الواقعية و الصدق و التنظيم و الاقتصاد و التمييز و الوضوح .
حتى مواقفه السلبية تتسم بالقوة و الفعالية . و البرهان على ذلك تمرسه في
النقد الذاتي في الوقت الذي يصعب فيه على الآخرين نقدهم له .
و
باختصار إن في هذا الإنسان من المقدرة و الشجاعة ما يكفي لتحديد مصيره
بنفسه أكثر من الآخرين . وهو بتحكمه في أحلامه يبقى خارج دائرة الهوس و
اللامعقول أكثر من أي إنسان آخر . يضاف إلى هذا – و هو شيء غير متوقع من
هذا النوع من الأشخاص – أن مولود برج العذراء شديد الجاذبية متى علق به
القلب لا يعود يستطيع الانفصال عنه في حال من الأحوال .
الطفل العذراء
على
الرغم عن ذكائه و تيقظه يبدو الطفل المولود في برج العذراء أكثر جدا و
أهدأ مظهرا من جميع الأطفال . لولا عناده في الأكل خاصة لاعتبر من أهنأ
الأطفال و أقربهم إلى قلوب الأمهات . صعوبته ناجمة عن ذوقه الخاص في الطعام
. فهو منذ بداية عمره يفضل أصنافا على أخرى , و يرفض بإصرار تعويده غيرها .
هذا العناد لا يمنعه من أن يكون خجولا و مهذبا و دمثا إلى أقصى حد . وهو
بالإجمال مطيع لأهله و معلميه , لا يضطرهم إلى توبيخه أو حتى إلى تكرار
الأوامر .
هذا الطفل أيضاً سريع النطق , يتعلم الكلام في وقت مبكر
ثم سرعان ما يصبح سلس الحديث جاد العبارات باستثناء حالات الخجل و الارتباك
أمام الغرباء . وهو ماهر في التقليد , كثيرا ما يحاكي أفراد عائلته و
ينتقدهم بأسلوب فذ مضحك . و مع ذلك يميل إلى الأدوار الجادة و إلى تحمل
المسؤوليات أكثر من غيره . في المدرسة يعتبر التلميذ المفضل لدى معلميه
بسبب مثابرته و طاعته و تهذيبه الجم , لكن ما يزعجهم منه ارتباكه الشديد
إذا اضطر إلى إلقاء قصيدة أو خطاب أمام زملائه و رفضه القاطع للنقد . أما
ما عدا ذلك فهو خلوق , يسدي الخدمات دون مقابل , ولا يتردد في معاونة
معلميه في تصحيح الفروض أو جمع العلامات , و ينجح في هذا الدور لما يتحلى
به من الاستقامة و الموضوعية و الدقة مما يتيح له تصحيح الأخطاء التي
يرتكبها الأستاذ نفسه في بعض الأحيان . و الطريف أنه لا يتورع عن ذلك و هو
المعروف بكراهيته الشديدة لأي نقد له يصدر عن الآخرين .
يحتاج هذا
الطفل إلى الأدلة الحسية التي تبرهن عن حب أهله له و تعلقهم به و إن كان
يرفض المجاهرة بتلك الحاجة . إنه على كل حال من بين القلائل الذين لا خوف
عليهم من الميوعة أو الفساد مهما بالغ الأهل في تدليلهم . صعوبته الوحيدة
مصدرها تمسكه بعاداته و رفضه لكل تغيير , و فيما عدا ذلك يعتبر وجوده نعمة
لأبويه و خصوصا لوالدته التي يشترك معها أحيانا في تدبير المنزل و في مسك
الحسابات . يتعلق بالمخلوقات الضعيفة و الحشرات الصغيرة مما يجعله يقضي
الساعات في مراقبة وكر للنمل مثلا بينما وجود كلب ضخم لا يعني له شيئا .
يرفض
هذا الطفل المعلومات غير المكتملة و يلجأ إلى مصادر تثقيفية عديدة
بالإضافة إلى الكتاب المدرسي . أكثر ما يحب الجدل و النقاش , فإذا بدا
خلالهما أقل معرفة من زملائه انطوى على نفسه و شعر بالتعاسة و الخجل . يرفض
في سن المراهقة العلاقات الدائمة أو الجادة و خصوصا تلك التي تستهدف
الزواج , كما يكره أن يشار إلى حياته العاطفية من قريب أو بعيد , و لهذا
السبب تصعب عليه صراحة الآخرين .
إن عقله الواعي و أسلوب تفكيره
العملي يحرمانه أشياء كثيرة يزخر بها عالم الأطفال الذين في مثل سنه . فهو
مثلا قليل التخيلات و الأحلام نادر الاهتمام بقصص الجن و الأشباح و غير ذلك
. و مع أن عظمته في تلك الواقعية إلا أن هناك خوفا عليه من الوحشة في
المستقبل . ينبغي لأهله تشجيعه على اقتحام عالم الأوهام بين الفترة و
الأخرى بحيث تصبح طفولته أقل جدا و أكثر تشعبا و مرحا .
الرجل العذراء
لم
يخلق حتما للمرأة العاطفية المتعطشة أبدا إلى عبارات الوجد و الهيام , و
إذا قدر لهذه المرأة أن تقع في حب رجل من هذا النوع فلا بد من أن تتحول
نارها يوما إلى صقيع بسبب برود مظهره و نظرته المادية و فكره البعيد عن
الوهم و الخيال . لكن واقعيته هذه أكثر ما تتناول حياته الفكرية و ليس
مستحيلا بالتالي جره إلى العلاقة الطبيعية التي تنشأ عادة بين الرجل و
المرأة . إلا أنه في الحب لا يشبه روميو جولييت ولا قيس ليلى لجهله فن
البكاء و التحرق و اللوعة , و لتفضيله وسائل التعبير الأقرب إلى الحياة
العملية كحسن المعاملة و الرعاية و الإخلاص .
يبدو هذا الرجل أول
وهلة كأنه صنع من الفولاذ و الثلج في آن واحد , و مع ذلك هناك و سائل تساعد
على غزو قلبه المنيع , إلا أنها غير الغنج و الملاحقة و العداء و الإصرار و
جميع الطرق الأخرى التي تسلكها المرأة عادة في الحب . تدور الأمور التي
يهتم بها الرجل الذي ينتمي إلى برج العذراء حول نوع الحب لا كميته , لذلك
قلما يقع فيه . وإذا وقع بصورة جادة سرعان ما ينكشف له حظه العاثر في هذا
الميدان فيحاول دفن عذابه في عمله , و يزداد بعده عن الناس , و يضاعف
الحيطة و الحذر كي لا يقع مرة أخرى .
إن سلاح المرأة مع هذا الرجل
الصبر و التأني و الحذر . هذا من ناحية , و من ناحية أخرى لتعلم أن الطهارة
شيء مقدس في نظره و أن حياة العزوبة ليست ثقيلة عليه كما يعتقد . فإذا وضع
القدر بعض العراقيل على طريق زواجه حاد عنه و بقي عازبا عن قناعة و رضى .
يتمتع في الوقت ذاته بسحر خفي لا يوصف . لا أحد يعلم بالضبط كيف و متى
ينجذب نحوه الآخرون و لكن الجميع يعلمون أن أكثر القلوب مناعة يهوي تحت ضغط
جاذبيته الشديدة . و تنطوي شخصيته على الفكر الحاد و المادة الصلبة . و
بما أنه متواضع و محب للتحليل و الاختبار في الوقت نفسه يصعب عليه إقامة
علاقات جسدية بحتة , فهو مترفع حتى في القضايا الجنسية , و الحب عنده أقرب
إلى الطهر منه إلى الشهوة . كل ذلك بالإضافة إلى أن ميله إلى النقد يجعله
يواصل البحث طويلا قبل أن يجد فتاة أحلامه . و بكلام آخر إن تحريك هذا
الإنسان على الصعيد العاطفي وحده صعب إن لم يكن مستحيلا و خصوصا لأن في
وسعه العيش وحيدا طوال حياته دون أن يشعر بأي حنين إلى شريكة العمر
التقليدية .
بعض مواليد برج العذراء يقيمون العلاقات الجنسية
المحضة من باب الفضول فقط , و لكي يثبتوا لأنفسهم أنهم كاملوا الرجولة ,
لكن ما أن يتأكد لهم الأمر حتى يقطعوا كل علاقة من هذا النوع و يتحولوا إلى
ما هو أسمى و أجدى . أما في الحب الحقيقي فكل مواليد برج العذراء تقريبا
صادقون أوفياء لا يسعون لتبديل أو تغيير . من الحسنات التي اشتهروا بها في
الزواج اهتمامهم بأبسط الأشياء إرضاء لزوجاتهم , و بذل كل الجهود لإزالة
العقبات من طريقهن و الحفاظ على الروابط العائلية ما دامت لا توجد أسباب
وجيهة تدعو إلى عكس ذلك . و مع أنهم ليسوا شديدي الغيرة إلا أن العزة و
الكرامة تقودانهم أحيانا إلى الطلاق .
يفضل مولود برج العذراء
المرأة التي تعني ببيتها و مطبخها و نظافة أولادها . لا يهمه كثيرا أن يرزق
أولادا , لكن إذا ما جاءوا أحسن رعايتهم و تربيتهم و بث فيهم الخلق الرفيع
و الفكر السامي و المواطنة الصحيحة , وهم بدورهم يأخذون عنه حب الثقافة و
احترام العلم و الآداب . لكن يخشى أن يقوم بين هذا الرجل و بين أولاده مع
الوقت جدار من البرود و الجفاء لا لسبب سوى تردده في إظهار الحب و الحنان .
مهما تكن عيوب هذا الرجل يبقى عنده من الحسنات و القيم ما يكفي
لكي يشعر جميع نساء العالم بالغيرة و الحسد تجاه الزوجة التي اصطفتها فكره و
قلبه .
المرأة العذراء
يخطئ
الذين يتوقعون من هذه المرأة الضعة و الطهارة بصورة دائمة إذ ينسون أو
يتناسون أنها – قبل كل شيء آخر – أنثى مفطورة على الضعف و القوة و الحسنات و
العيوب و ذلك على الرغم من المعاني السامية التي ينطوي عليها رمزها الذي
هو العذرية . هذه المرأة على الرغم من حيائها الفطري كفيلة بملاحقة أهدافها
و التشبث بسعادتها و حقها في الحياة ولو اضطرت إلى هجر بيتها و زوجها و
أولادها . إن ما يدفعها إلى بعض تلك المواقف المتطرفة هو في الواقع إيمانها
بالصدق و كرهها الشديد للرياء مع أنها من فئة النساء اللواتي يعطين
للمجتمع أهمية و مكانة . فكل تصرف من قلبها لا يرضى عنه مجتمعها يشعرها
بالخجل و الأسى , ومع ذلك ترفض التراجع عن أي قرار تؤمن عن حق أنه عين
الصواب .
المرأة في برج العذراء عاطفية واقعية في آن واحد , تسعى لذروة
الكمال في كل أعمالها على الرغم من سلبية بعض صفاتها . فهي تعتقد مثلا –
عن يقين تام طبعا – أنها أكثر النساء كفاءة تقريبا و أقدرهن على التنظيم ,
كما تؤمن بعبث كل جدل يثيره الآخرون معها و ذلك لتمسكها بقراراتها و آرائها
. و يمكن القول إن الاعتراف بالخطأ لغة تجهلها هذه المرأة مع أنها تتمتع
بمهارة خاصة في تمييز الصدق من الكذب . عنادها في الواقع لا يجارى مع أنها
تبدو في الحالات العادية طيبة دمثة الخلق إلى أبعد الحدود .
المرأة
في برج العذراء تتمتع أيضا بصفاء الفكر و نقاء السريرة و إن لم تكن ساذجة
إلى الدرجة التي يعتقدها البعض . إنها على العكس بعيدة عن السذاجة يصعب
جرها إلى شرك الكلام المنمق المعسول , و مقابل ذلك يتم حديثها دائما عن
تهذيبها الفطري و تتسم جميع تصرفاتها بالنبل و التواضع و ذلك على الرغم من
الإعجاب و الثقة بالنفس المعروفين عنها . هذا و يحق لها أن تعجب بنفسها
لأنها جميلة الصورة , ذكية الملامح , سريعة الخاطر , في ضحكتها جرس موسيقي
عذب و في عينيها صفاء عجيب . يداها الماهرتان تتقنان الأعمال و خصوصا تلك
التي تتعلق بخيرات الأرض كزراعة الأزهار و قطف الفاكهة و طبخ أصناف الحب ,
حتى عجن الدقيق و خبزه في البيت .
من أحب الهوايات إلى نفسها
المطالعة و الموسيقى و المسرح و مختلف المهرجانات الفنية , و هي في جميع
هذه الميادين دقيقة الملاحظة سريعة البديهة تعطي رأيها بتجرد تام , و توجه
النقد بأسلوب سلس عميق . تكره القمار و السبق و جميع الهوايات التي يدخل
فيها عنصر المغامرة و التبذير .
تستطيع امرأة برج العذراء أن تكون
زوجة مثالية تشارك رجلها همومه و متاعبه فلا يشعر بالقلق و التوتر اللذين
يصيبان عادة صاحب المسؤوليات المتعددة و الأحمال الثقيلة . و الحقيقة أن في
شجاعتها النادرة و قدرتها على مواجهة المسؤوليات أفضل عون لزوجها . هذا
بالإضافة إلى إخلاصها الذي لا يتزعزع , إلا لأسباب قاهرة و خارجة عن
إرادتها , فإذا شذت عن الطريق السوي لا تلبث أن تعود إليه تائبة مستغفرة , و
إذا لم تعد كان معنى ذلك أنها اختارت طريقا جديدا يكفل لها الصراحة و
الصدق تجاه نفسها و تجاه الآخرين .
وفي ميدان الأمومة مواهب هذه
المرأة كثيرة , منها اللطف و الحزم و الاهتمام بالقواعد الغذائية و الصحية
السليمة و المبادئ الخلقية الرفيعة . أولادها يلجئون إليها في الأوقات
العسيرة و يستمدون من صفائها و ابتسامتها الشجاعة و التفاؤل .
يقال
إن فضل هذه المرأة على زوجها كبير من نواح ثلاث على الأقل : أولا تحرص على
ماله و رزقه , ثانيا تحافظ على أسراره , و ثالثا تنظم له أعماله . لو
أردنا إضافة ناحية رابعة لا غير لقلنا أن هناك أيضا ابتسامتها التي تنسيه
الهموم حقا .
المدير العذراء
ليت
كل من يعمل في خدمة هذا الرجل يظهر له الطيبة و المحبة لأنه ضمنا إنسان
معذب مقهور لم يخلق لهذا المركز بالذات . من الصعب على مولود برج العذراء
ممارسة السلطة لأن في طبيعته ما يناقض مثل هذا الدور , وإذا بدر منه العكس
كان السبب تأثيرات فلكية غريبة عن البرج المذكور .
إن أفضل مكان
يستطيع هذا الرجل تبوأه هو الكواليس أو الزوايا الجانبية . يستطيع أن يكون
مثلا سكرتيرا أو نائب رئيس أو مستشار أو شيء آخر غير المدير العام أو رئيس
مجلس الإدارة . فالاحتكاك اليومي بالأفراد و بهمومهم يرهقه وهو الغارق في
همومه الخاصة . هذا مع العلم بأنه أقدر الناس على تسلم القضايا المعقدة و
على إيجاد أفضل الحلول بأسرع وقت و بأقل عدد من الهفوات و الأخطاء . إن
موهبته الفريدة هذه لا تحتاج إلى مركز الرئاسة لأن فرض تحقيق المعجزات
منوطة بالمراكز الأكثر تواضعا . من ناحية أخرى يتمتع رب العمل أو المدير
عادة بالمرونة و الليونة , حتى المواربة . فإذا طلب رأيه في أمر ما ابتسم
ابتسامة غامضة ورد بجواب مطاط مبهم . ذلك هو سر نجاح الإنسان في المراكز
العليا , و ذلك هو أيضا الشيء الوحيد الذي يفشل فيه رجل العذراء .
من
الصفات التي اشتهرت عنه تسميته الأشياء بأسمائها الحقيقية دون تحوير أو
تطوير , و الحياد عن درب الأضواء و الشهرة . مكانه إذا هو حيث يتسنى له
تنظيم الأعمال و تسييرها على أفضل وجه تاركا لغيره مجال الظهور و قطف ثمار
النجاح . إنه يرفض على كل حال أي نشاط اجتماعي أو غير اجتماعي قد يلهيه عن
مهماته و واجباته الأساسية . وإذا شاءت له الظروف دور المدير العام صاحب
الشأن و العز شعر بالارتباك و الأسى و تمنى في قرارة نفسه لو يستطيع خلع
هذا الثوب الفضفاض و ارتداء ما هو أبسط و أصلح .
في استطاعة هذا
الرجل إدارة مؤسسة صغيرة لا يتجاوز عدد أفرادها أصابع اليد الواحدة . هنا
تتاح له فرصة تسيير العمل بأسلوبه الواقعي المعروف . هنا أيضا يمكنه غربلة
الأفكار و المقترحات و تصنيف الطاقات و عصر الأدمغة بطرقه التحليلية
القائمة على الجدل البناء . أخيرا هنا يستطيع اعتماد الصراحة و الصدق بدلا
من المواربة و الرياء . كل ذلك كفيل بجعل هذا الرجل رب عمل ممتاز شرط ألا
يتجاوز عدد موظفيه أصابع اليد الواحدة كما قلنا سابقا .
الرجل
المنتمي إلى برج العذراء يظهر الغرابة في تصرفاته مع سكرتيرته الخاصة . فهو
يلومها على أبسط الهفوات سواء أظهرت منها في عملها أو هنداماها أو طريقة
عنايتها بالمكتب عامة . وهو يرفض بحزم سماع قصصها و مشاكلها العاطفية كما
يرفض أبسط عبارات الغزل منها . من الأشياء التي لا يستسيغها ولا يقبلها
الزينة الصارخة و الشعر المسترسل و الثوب القصير . مقابل ذلك يظهر اهتماما
كبيرا بصحتها و يمنحها الإجازات لأبسط الأمراض , و إذا وجد أن عملها يستحق
التقدير و التشجيع رفع مرتبها إلى القدر الذي تستحقه دون زيادة أو نقصان .
إنه على كل حال من الرجال الذين يعرفون كيف يصنفون البشر دون أن يؤخذوا
بالوهم أو القشور .
من الطبيعي أن يتهمه البعض بالخجل و لا سيما
لأن تقديم الهدايا ليس من طبعه . لكنه في الواقع طيب و مستقيم إلى أبعد
الحدود . و يكفي أنه موجود في أوقات المحنة مع أن مصادقته أمر في غاية
الصعوبة . إنه عنوان الإنسان الذي يعيش في وحشة وسط الجماهير و السبب هو في
الغالب ذلك الحلم البعيد الذي يراوده دون أن يعلم به أحد .
الموظف العذراء
يستحق
هذا الإنسان دعم رئيسه المتواصل إلى أن يصبح نائبه أو مساعده الخاص . و
لكن يجب أن يتم الدعم بحذر و تؤدة لأن إنسان برج العذراء يجفل بطبعه من
التسرع الشديد و الصراحة اللامتناهية و يفقد بالتالي ثقته في صاحبهما . ثم
إنه يكره أن ينال الهدايا الثمينة و المنح السخية في غير أوقاتها و يكره
بالمقابل أن تهضم حقوقه . بكلام آخر يتمتع بحس العدالة المرهف .
يدرك
هذا الرجل قيمته الحقيقية و يسعى لكسب ما يراه جديرا به . إذا هدف إلى
المراتب العليا و الدخل المرتفع لا يفعل ذلك من أجل المال أو المكانة
المرموقة بل في الدرجة الأولى من أجل تأمين شيخوخته في المستقبل . إن أكثر
ما يخشاه من تلك المرحلة الأمراض على الرغم من أنه من هذه الناحية أفضل
حالا من الكثيرين . قد يكون ضعيف البنية في سن الطفولة أو المراهقة و لكنه
يتعافى تدريجيا فيصبح فيما بعد من أكثر الناس نشاطا و همة .
يبدو
هذا الإنسان في عمله دقيق الملاحظة كثير الاهتمام بالتفاصيل سريع النقد لا
يتورع عن الإشارة إلى أخطاء رئيسه . في تصرفاته إزعاج للآخرين و لكن سعيه
المستمر إلى الكمال كثيرا ما يغفر له صراحته اللامتناهية . من الصفات التي
تضعه في مصادف النقاد الناجحين صفاء تفكيره و حدة مقدرته التحليلية و حسه
التمييزي المرهف . ذكاؤه و إتقانه يحولان بينه و بين الأعمال الناقصة .
أكثر ما ينجح في الميادين و الحقول التي تعنى بالخدمات العامة كالأدب و
النشر و الطب و الصيدلة و الأعمال المختبرية و الحسابات و مسك الدفاتر و
التغذية . يكره عموما البطالة و الكسل و الإهمال , و يقوم بالأعمال
الإضافية دون أن يكون مضطرا إلى ذلك .
إنه أيضا موظف خلوق جدير
بتحمل المسؤوليات , يسير على نمط واحد في حضور رؤسائه و غيابهم ولا يحتاج
إلى المراقبة أو التشجيع لأن الدوافع موجودة فيه و على رأسها بلوغ الكمال .
و لهذا السبب يبدو عمله بطيئا بعض الشيء . بفضل صفاته العملية ينجح أحيانا
في حقل الدعاية و لكنه يفشل غالبا في الترويج للبضائع و السلع لأنه صريح
مستقيم من جهة و خجول من جهة ثانية , الأمر الذي يحول بينه و بين الحماسة و
الاندفاع و العداء التي هي من صفات الباعة الأساسية .
يبدو موظف
برج العذراء نظيفا أنيقا مهذب الألفاظ سلس الحركة حتى وسط أكوام الدفاتر و
الأوراق و ما شاكلها , و إذا ظهر منه خلاف ذلك كان السبب ضائقة نفسية أو
أزمة مالية أو أي شيء من هذا القبيل . يسهل عليه الاعتراف بالخطأ لكن
يستحيل أن يقبل النقد و الملامة . إذا اضطر رئيسه إلى إبداء ملاحظة عليه أن
يفعل ذلك باقتضاب و لطف . و يكره الموظف المنتمي إلى برج العذراء الألوان
الصارخة و الضجيج و الفوضى , فإذا خلت هذه العناصر من مكتبه أصبح أهنأ بالا
و أقدر على معالجة المعضلات .
من الصفات الحسنة التي تندر في سواه و تتوفر فيه الصدق و الشعور بالمسؤولية و مد يد المساعدة دون أجر أو مقابل .